الصحبة الصالحة مفتاح النجاح في الدنيا والآخرة

الصحبة الصالحة مفتاح النجاح في الدنيا والآخرة

الصحبة الصالحة هي مفتاح الخير والتيسير في الدنيا،  والآخرة بتأثيرها الإيجابي الذي يأخذك لطريق أفضل ويمنحك الإيجابية ويحفزك على النجاح وتحقيق الأحلام، و الذي يسلك سبل الفلاح والحق والهدى والتقوى في الدنيا تأخذه الحياة لنعيم الآخرة وإلى الجنة التي وعد بها الله المتقين، والمرء مجتمع في الآخرة مع صحبه وخلانه الذين اجتمع بهم في الدنيا، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض، والصحبة مؤثرة بشكل إيجابي في الحياة، والصاحب ساحب يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
وقد قال الشافعي في أمر الصحبة الصالحة التي تدعو لطريق الحق والخير :

أُحِب الصالِحين وَلَست مِنهم
لَعَلي أَن أَنالَ بهم شَفاعَه
وَأَكرَه مَن تِجارَتهُ المَعاصي
وَلَو كنّا سَواءً في البِضاعَه

الحب في الله أساس الصحبة الصالحة:

تقوم الصحبة الصالحة على المودة والألفة، وهي الصحبة الأطول عمرا والتي تكون تحت ظلال الخوف من الله ومراقبته وخشيته في المعاملات، ويكوم أساسها الحب في الله غير مشروط بمصلحة ولا حاجة، وفيها يكون الصاحب أنيس صاحبه، فيستوحش الطريق الذي يسلكه دون صاحبه، فيجتمعان على الخير وعلى طريق الهدى وعلى النصح والتأييد والدعاء في الغيب.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه.
فالحب في الله فيه أجر عظيم، وصحبة الخير ينال منها الإنسان الخير والتوفيق في علاقته مع ربه قبل علاقته مع صاحبه فيمتد خيرها إلى الآخرة.

كيف نختار الصحبة الصالحة:

من أسس اختيار الصاحب الصالح الانتقاء من بيئة صالحة ومن مجالس طيبة  لا من مجالس السوء، ولا يأتي الاختيار عبثا كأن تصاحب من تيسرت صحبته فالصحبة الصالحة لها صفات واضحة منها:
أن يكون صاحبا يتحلى بصفة الوفاء ولا يخون الأمانة، فلا يكذب ولا يغدر ويبقى وفيا لمن يصاحب.
أن تعرف من هم أصحابه فكل شخص تعرفه من قرينه والذي يرافق أهل السوء تعرفه ومن يصاحب أهل الخير معروف أيضا.
أن يكون متبعا لطريق الحق مخلصا لله تعالى مراقبا الله في حياته، فذالك إنسان لا تخاف أذيته ولا غدره صادقا مع ربه صادقا مع صحبه قال الله تعالى: {يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} فوجود الصحبة الصالحة مقرون بالتقوى عند الله.
أن يتخير المرء صاحب المقصد النبيل والغاية الطيبة.
أن يلتمس العذر لك ويحسن الظن بك.

مواصفات الصحبة الصالحة:

الصديق الصالح إنسان مستقيم ملتزم بقيمه الدينية وأخلاقه ومبادئه، وهو في الدنيا يمتاز بأخلاق عالية والصاحب الصالح المؤمن تجده على طريق الآخرة مراقبا لله في حياته كلها .
الصحبة الصالحة صحبة تدعوك للخير ولا تتركك تلهو في ذنبك، بل وتأمرك بالمعروف وتنهاك عن المنكر في الدين، ولا تتهاون في نصحك ولا تداريك إذا رأتك حيث نهاك الله، وتفرح باستقامتك.
من مواصفاتهم أنهم يفرحون لفرحك وإذا مسك طائف من حزن يحزنون لأجلك، يحفظون سرك ويظهرون لك ما يبطنون في دواخلهم، فالصاحب الصالح ليس شخصا منافقا ولا حاسدا ولكنه يحب الخير لك كما يحبه لنفسه بل وقد يؤثرك على نفسه ولو كان في حاجة أولى بها هو، أي يؤثرك ولو كان به خصاص.
يحبونك في الله لا لأجل مصالحهم ويجمعكم طريق الهداية لا طريق الظلالة.

آداب الصحبة الصالحة:

أن تطلب العذر لإخوانك وتستر عيوبهم ولا تتبع عثراتهم.
ملازمة الحياء مع الأصحاب مع النصح والتوجيه بالقول اللين، والسهولة في التعامل وترك الشدة، وكذالك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، فقد كانوا رحماء بينهم.
أن لا تؤذي صاحبك بعد عمر من الصداقة، ولا تؤذي مؤمنا.
عدم مخالفة الصحبة الكثيرة في أمور الدنيا.
إيثارهم والسعي معهم لقضاء حوائجهم بنية الأجر.
بشاشة الوجه ولطف التعامل ولين القلب والترحيب بهم والإفساح لهم في المجالس.

تأثير الصحبة على الإنسان:

الصحبة مؤثرة على حياة الإنسان وعلى علاقاته الإجتماعية وحياته الدينية والدنيوية، فالإنسان بفطرته متأثر له قبول وميول للخير ولشر، والصديق من يعين صديقه على الخير، فهي نجاة من طرق الشر، والإعانة والقوة النفسية يستمدها الإنسان من أصحابه بعد توفيق الله سبحانه وتعالى.
وأما رفيق السوء فهو ساحب للشر معين عليه هو والشيطان :قال عليه الصلاة والسلام فيه :
كَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً.
أي أنه يؤثر عليك تأثير سلبيا في حياتك، فيسلبك ما أنعم الله عليك من خير، فتجد السوء بدل الخير في رفقته.

الرسول والصحابة خير قدوة للصحبة الصالحة:

كان النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه خير مثال للصحبة الصالحة التي تأسست على الإيمان والصلاح والتقوى، فقد كان صدق أصحابه له وفدائهم إياه بمالهم وأهلهم من أعلى مراتب الصحبة والصدق فيها، وقد آخا النبي بين الصحابة بعد الهجرة والأنصار فكان لكل أخ أخ في الدين، مجسدا أهمية علاقة الأخوة والصحبة الصالحة المتينة في ديننا الإسلامي، والتي يجمع بينها التواصي بالحق والتواصي بالصبر، والصبر
على فتن الحياة، وقد كان الرسول صلى الله عليهم وسلم يعامل أصحابه بالرحمة والرفق ويحبهم ويعلمهم الإيثار وحب الخير لبعضهم، فكانت صحبته صلى الله عليه وسلم لصاحبه مع أبي بكر رضي الله عنه في الغار نموذجا في الصحبة الصالحة واتباع طريق الخير، وقد كان سندا لرسول الله في دعوته وقال له النبي صلى الله عليه وسلم : “لا تحزن إن الله معنا” [التوبة: 40]
وقد كانت صحبته مع علي بن أبي طالب نموذجا آخر
حيث نام في فراش النبي ليلة للهجرة فقدم نفسه ليصون صاحبه ونبيه صلى الله عليه وسلم، ولما لحق بالنبي بعد أن هاجر وجد الرسول قد جمع بين المهاجرين والأنصار فقال له علي:  يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخِ بيني وبين أحد، فقال له النبي أنت أخي في الدنيا والآخرة، فكانت علاقة النبي بأصحابه علاقة ممتدة من الدنيا للآخرة، بنعيم دنيوي واجتماع أبدي في الجنة.
ويعد موقف إخاء المهاجرين والأنصار من أبرز المواقف في الإسلام وأكثرها توضيحا لمدى أهمية الصداقة والأخوة في الدين، والتي تقوم عليها الحياة، فلا حياة دون صحبة صالحة، وقد وصل الأمر حتى سمح بإرث المهاجرين في الأنصار، وذالك تشريعا من الله على أخوة كانت حقيقية صادقة، فقد كان الأنصار يؤثرون على أنفسهم إخوتهم من الذين هاجروا مع خصاص يشملهم  ولكن كانت الأولوية لهم بداعي الصدق والوفاء وفيهم نزل قول الله تعالى: (والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) [الحشر 9]
وبذالك قد عظمت منزلتهم عند الله هم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مدحهم النبي وأحبهم فدعى للأنصار وأبنائهم وأبناء أبنائهم بالمغفرة، وذالك جزاء المحبة في الله التي لا تنقطع، والصحبة التي تبنى على الخير ولأجل الخير دون رجاء ولا طمع في زينة الدنيا.

                               الكاتبة:مارية الزروالي

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد