جامع القيروان..أول جامع في المغرب الأقصى

جامع القيروان

جامع القيروان..أول جامع في المغرب الأقصى

جامع القيروان مسجد شاهد على الفتوحات الإسلامية التاريخية للمغرب الأقصى.

من بنى جامع القيران؟

بنى جامع القيروان التابعي عقبة بن نافع، على طراز المساجد العربية التاريخية التي كانت تتبع هندسة المسجد النبوي  ببناء مستطيل الشكل يتوسطه صحن مكشوف في الخارج ، به نافورة ماء كما هو شكل المساجد الأندلسية والمغربية والدمشقية ،وتحمل أعمدته كلمة ” لا إله إلا الله ” وهو تحفة بديعة في تاريخ المساجد الإسلامية.

لماءا سمي بجامع عقبة بن نافع؟

سمي بجامع عقبة ابن نافع أو” جامع القيروان” نسبة إلى مدينة القيروان  يقع في شمال تونس.
جامع القيروان هو أول مسجد في المغرب الأقصى بني عام50 هـ ، أسسه  عقبة ابن نافع القرشي، نائب معاوية بن أبي سفيان على إفريقيا، و هو من أسس مدينة القيروان في تونس وكان عقبة ابن نافع من أبرز القادة في الفتح الإسلامي للمغرب ،وأصبح في العصر الحديث هذا الجامع معلمة إسلامية تاريخية  من أجمل المساجد الإسلامية التي تشهد على ازدهار الخلافة الأموية وحضارتها التاريخية.

الشكل المعماري لجامع القيروان
كان حجمه وشكله المعماري حين بناه عقبة بن نافع مختلفا على ما هو عليه الآن ، وتمت إعادة بنائه وتأهيله في عهد يزيد بن معاوية ،ثم أعيد بنائه كاملا  في القرن الثالت هجري في عهد الدولة الأغلبية فأصبح شبيها بالحصون التاريخية من الخارج وهو غير متناسق شكليا  من خارجه، ولكنه صمم بمعمار إسلامي  بديع من داخله بأعمدته الرخامية وصحنه ونقوشه وقببه  .

إعادة بناء جامع القرويين بعد عقبة بن نافع:

بعد مرور  عشرين عامًا على بتأسيس الجامع علي يد عقبة بن نافع، قام حسان بن النعمان الغساني بهدمه   وترك محرابه على ماهو عليه ، وأعاد بناءه بعد أن  فيه وسع في مساحته .
وفي عهد  الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك قام هو أيضا بإصلاحات في جامع القيروان بأمر منه لوالي  القيروان بشر بن صفوان ، فزاد في بنائه عام مئة وخمسة للهجرة، واشترى الأرض الملاصقة  للمسجد من جهته الشمالية وأضافها إليه ، كما أضاف للجامع مكانا للوضوء، وبنى مئذنة للمسجد على جداره الشمالي.
بعدها  بسنين طويلة قام يزيد بن حاتم والي أبي جعفر المنصور على إفريقيا بترميم جامع القيروان وإضافة زخارف إسلامية للمسجد.
في عام مائتان وواحد وعشرون هـ أمر الأمير زيادة الله بن الأغلب بهدم أطراف من الجامع   لتوسيعه وإعادة ترميمه، وأعلى سقفه، وبني قبة مزخرفة بلوحات رخامية على محاربه، وقد كان يريد هدم المحراب لانحرافه عن القبلة فعارض علماء القيروان الهدم واشاروا عليه بترك القديم على ماهو عليه كما وضعه عقبة ابن نافع وإضافة آخر أمامه، فبنى آخرا بالرخام الأبيض .

الشكل المعماري لجامع القيروان

معمار مسجد القيروان اختلف على ما بني عليه قديما، كانت مساحته صغيرة ورفع بأعمدة من نخيل  وسقف بالعريش، بهندسة المسجد القديمة ، وبتعاقب الحكام الأمويين والعباسيين  تم تغييره،ففي عهد هشام بن عبد الملك بنيت مئذنته المشهورة  بشكل مربع بثلات طبقات يبلغ ارتفاعها 31مترا، ومنها انتشرت المآذن المربعة في معمار المغرب الأقصى بعد تواجدها بجامع القيروان ،وتضم المئذنة قبة فخمة، وفي العصر العباسي أمر يزيد بن حاتم بهدم المسجد دون هدم مئذنته  ومحرابه، وتمت هيكلته وتهيئته وتوسيعه ليشمل مساحة 9700 متر مربع،وفي عد الحكم الأغلبي على القيروان بني محراب جديد لإعتقاد انحراف المحراب القديم عن القبلة، ولم يتم هدم القديم بل تمت تغطيته بجدار أمامه وإعادة بناء الجديد بالرخام،ليصبح المسجد كما نراه شاهدا على حضارة إسلامية متعاقبة تعتني بعمارة المساجد  وإعمارها ، وتقدير بيوت الله وخدمتها .

وصف جامع القيروان من الداخل:

يحتوي المسجد على ستة قباب قبة المئذنة وقبة البهو  وقبتان في جهة المدخل المخصص للصلاة، وواحدة تعلو الجانب الغربي للمسجد ،وقد وصف  الأندلسي أبو عبيد الله البكري قبة باب البهو في جامع القيروان ، والتي تعتبر من أجمل ما أنتج التاريخ الإسلامي، وصفها قائلا : القبة المعروفة بباب البهو في دورها اثنان وثلاثون سارية من بديع الرخام، وفيها نقوش غريبة وصناعات محكمة عجيبة، يشهد كل من رأها أنه لم ير مبنى أحسن منه.
وبالجامع  أقواس وأعمدة رخامية .فاخرة  تبلغ أربعمئة وأربعة عشر عمودا ،وأسقف خشبية تغيرت على. تغير الحكام منذ القدم ،وله ثمانية أبواب ،وبه سبعة عشر نافورة مياه، وزين جانب من المحراب بالفسيفساء العتيقة،وفي  مدخل بيت الصلاة تجد الثريات النحاسية التي تعتقد أنها صنعت من الذهب الخالص،  متدلية من أسقف المسجد وكانت تسرج بالزيت وأصبحت في العصر الحديث تنار بمصابيح كهربائية محافظة على وجودها داخل المسجد، وتوجد  بالجامع مقصورة من القرن الخامس للهجرة، وهي أقدم مقصورة أيضا.

أقدم منبر في جامع القيروان:

في جامع القيروان أيضا منبر من القرن الثالث للهجرة، وهو منبر عتيق من أقدم المنابر الإسلامية بعد منبر المسجد الأقصى ، وفيه نقوش مزخرفة وهو مصنوع من خشب الساج. وبه اكثر من ثلاثمائة لوحة منقوشة على هذا المنبر البديع.
ويذكر في وصف للأندلسي التجيبي، كيف صنع هذا المنبر :”وجلب له من بغداد خشب الساج ليعمل له منها عيدان عملها منبراً للجامع، وجاء بالمحراب مفصلاً رخاماً من العراق عمله في جامع القيروان وجعل تلك القراميد في وجه المحراب وعمل له رجل بغدادي قراميد زادها إليه، وقد استنتج بعض علماء الفن من هذا النص أن صناعة المنبر قد تمَّتْ في العراق، أما قبة محراب الجامع فتعتبر أبرز مثال عن مدرسة القباب الإفريقية، التي بلغت في العهد الأغلبي أوج تطورها ونضجها..

الدور العلمي لجامع القيروان

وككل الجوامع في العصور الماضية ، فقد كان الجامع بديل الجامعة، ومنه ينهل العلماء علمهم ،وفيه تدرس المواد ،وفيه يطلب العلم  وقد اختص التدريس فيه في كل المجالات  من فقه وشريعة وشعر وأدب وطب وفلك، وكان  القيروان قطبا ثقافيا وحضاريا  في العصر  الفاطمي والصنهاجي والأغلبي ، وقد عرف في القيروان علماء القضاء وغيرهم ومنهم: عبد الرحمن بن زياد بن انعم بن ذرى وكنيته الإفريقي من العهد الأموي ،  و خالد ابن ربيعه الإفريقي وكان من الأدباء ، ابي علي شقران بن علي الهمذاني القيرواني وهو عالم في الرياضيات والفلك في العهد الأموي، وفي الكيمياء اسماعيل بن يوسف ،وفي الترجمة محمد بن الحارث الخشن.

وقد كان الجامع  على المذهب الحنفي ثم جاء المعز بن باديس يحمل المذهب المالكي مذهب مالك ابن أنس لأهل المغرب، وكانت تقام حلقات العلم بالجامع ،ثم أسست فيما بعد مدارس لتدريس تابعة للجامع وقد زار جامع القيروان كثير  من الفقهاء من الشرق والتابعين من المذهبين وهم:

1 عبد الله بن عمر بن الخطاب (ت73هـ): آخر صحابي  توفي بمكة.

2 إسماعيل بن عبيد الله الأنصاري (ت107هـ): التابعي المعروف بـ”تاجر الله”، أثر بعلمه في القيروان.

3 أسد بن الفرات بن سنان (ت213هـ): فاتح صقلية، الإمام الفقيه المجاهد، جامع فقه الأحناف والمالكية.

4 سحنون بن سعيد التتوخي (ت241هـ): صاحب المدونة ورئيس العلم بالمغرب، انتشر بفضله علم مالك في المغرب.

5 ابن أبي زيد القيرواني (ت386هـ): “مالك الصغير”، إمام المالكية في المغرب.

6 تميم بن المعز (ت501هـ): شاعر أديب بديوان ضخم.

7 الحسن بن رشيق القيرواني (ت456هـ): مؤلف “العمدة” في صناعة الشعر.

8 عبد الرحمن بن محمد علي الأنصاري (ت799هـ).

9 إبراهيم بن عبد السلام المسراتي (ت704هـ): خطيب جامع القيروان، ساهم في منع الخمر بالقيروان.

10 قاسم بن محمد نعيسي (ت804هـ): قاضٍ يعرف بابن نعيسة، أسهم في التعليم بالقيروان.

أتمنى أن تكون المقالة( جامع القيروان..أول جامع في المغرب الأقصى  ) مفيدة لزوار موقعنا “مدى بلس

الكاتبة:مارية الزروالي

المصادر
ــــــــــــــ
1 الفن الخالد في عمارة المساجد، حسين محمود الأعظمي ص 246
2 الفن الخالد في عمارة المساجد, حسين محمود الأعظمي ص247

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد