أسهل طريقة للغسل من الجنابة

أسهل طريقة للغسل من الجنابة

الغسل من الجنابة هو فريضة أمرالله بها عباده، لتطهيرهم وتزكية نفوسهم ظاهرا وباطنا، قال تعالى: {وإن كنتم جنبا فاطهروا}، فهي عبادة يرجى بها التعبد لله وطاعته، والله يحب المتطهرين، فإذا تحققت الأسباب فالغسل واجب، وهو من تمام العبادة وكمالها، والغسل من الجنابة له موجبات وشروط وأنواع نذكرها في مقالنا.

تعريف الغسل

الغسل لغة من مصدر غسل الشيء يغسله غسلا وغسلا، وهو تمام غسل الجسد كله، وفي الاصطلاح الشرعي هو تعميم البدن بالماء، أو استعمال ماء طهور في جميع البدن، والغسل من الجنابة واجب لقوله تعالى: { وإن كنتم جنبا فاطهروا} والجنابة  دالة على معنى البعد ومن ذالك قول تعالى: {والجار الجنب}، وأجنب الرجل إذا خالط امرأته، وسُمي الجنب جنبا لكونه قد تنحى عن الصلاة حتى يتطهر، والغسل من الجنابة هو عبادة عظيمة وتجهيز للعبادة، ومن ذالك قول الله تعالى: { ولكن يريد ليطهركم ويتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}.

أنواع الغُسل من الجنابة:

للغسل من الجنابة كيفيتان، كيفية استحباب، وكيفية إجزاء.
كيفية الاستحباب: فهي أن يغسل يديه، ثم يغسل فرجه، وما أصابه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ بيده ماءً فيخلل به شعر رأسه، مدخلا أصابعه في أصول الشعر حتى يروي بشرته، ثم يحثو على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على سائر بدنه.
وأما كيفية الإجزاء: فأن يعم بدنه بالماء ابتداءً مع النية لحديث ميمونة رضي الله عنها: (وضع رسول الله وَضُوءَ الجنابة، فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثا، ثم تمضمض واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض الماء على رأسه، ثم غسل جسده، فأتيته بالمنديل فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيديه )(1).
وكذالك حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح  وفيه: (ثم يخلل شعره بيده، حتى إذا ظن أنه قد روی بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده).
ولا يجب على المرأة تقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويلزمها ذلك في الغسل من الحيض.

ما لا يجوز لمن وجب عليه الغسل من الجنابة:

-لا يجوز له المكث في المسجد إلا عابر سبيل لقوله تعالى: {وَلَا جُنَّبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلِ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء 43]، فإذا توضأ جاز له المكث في المسجد، لثبوت ذلك عن جماعة من الصحابة على عهد النبي، ولأن الوضوء يخفف الحدث، والوضوء أحد الطهورين.
ولا يجوز له أيضا  للجُنب مس المصحف، لقوله تعالى: {لَا يَمسه إِلَّا الْمُطهَّرون} [الواقعة :79].
لا يجوز له قراءة القرآن، فلا يقرأ الجنب شيئًا من القرآن حتى يغتسل لحديث علي قال: (كان عليه الصلاة والسلام لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة)، ولأن في منع القراءة حثا له على المبادرة إلى الاغتسال، وإزالة المانع له من القراءة، دون تأخيرها إلا لعذر.
والصلاة لا تجوز للجنب، كما لا يجوز له الطواف ببيت الله الحرام.

كيفية الغسل من الجنابة بالتفصيل:

والغسل المستحب من الجنابة يبدأ بالنية ثم التسمية، وغسل اليدين ثلاثا، ثم غسل الفرج، ثم يليه الوضوء كما يتوضأ المسلم للصلاة، ويصب الماء على رأسه ثلاث مرات ثلاث حثيات، وذالك كما في السنة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل، ثم يبدأ بغسل نصف جسده الأيمن، ثم يتبعه بالأيسر، ويغسل سائر الجسد.
وذالك مما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أصَابِعَهُ في المَاءِ، فيُخَلِّلُ بهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ علَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ علَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.)
وعن عاصم أن رهطا أتوا عمر بن الخطاب فسألوه عن الغسل من الجنابة، فقال:( أما الغسل فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اغسل رأسك ثلاث مرات وأدلكه، ثم أفض الماء على جلدك).

كيفية الغسل من الجنابة للمراة
وأما غسل المرأة رأسها في الجنابة وصفة غسلها من ذلك فقد جاء عن عائشة ما ذكرنا من قولها: وأما نحن فنفيض على رءوسنا خمسا من أجل الضفر وقد أنكرت على عبدا الله بن عمرو أمره النساء أن ينقضن رءوسهن عند الغسل، وقالت: ما كنت أزيد على أن أفرغ على رأسى ثلاث غرفات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذالك لجواز غسل المرأة لشعرها دون نقضه.

موجبات الغسل من الجنابة وغيرها:

من موجبات الغسل خروج المني من مخرجه ويشترط أن يكون دفقا بلذة من ذكر أو أنثى، لقوله تعالى:{وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: 6]. ولقوله صلى الله عليه وسلم لعلي ؤضي للله عنه قال:  (إذا فضخت الماء فاغتسل).
ما لم يكن نائما ونحوه فلا تشترط اللذة، لأن النائم قد لا يحس به، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل: هل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ قال: (نعم إذا رأت الماء).
ومن موجباته أيضا تغییب حشفة الذكر كله أو قدرها في الفرج، وإن لم يحصل إنزال بلا حائل : لقوله صلى الله عليه وسلم 🙁 إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان، وجب الغسل).
لكن لا يجب الغسل في هذه الحالة إلا على ابن عشر أو بنت تسع فما فوق.
ومن موجبات الغسل في غير جنابة إسلام الكافر ولو مرتدا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل.
ومنه أيضا انقطاع دم الحيض والنفاس لنساء، وذالك لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي  قال لفاطمة بنت أبي حبيش: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي).
وأيضا الغسل في الموت : لقوله في حديث غسل ابنته زينب حين توفيت: (اغسلنها). وقال في المحرم: (اغسلوه بماء وسدر). وذلك تعبدا لأنه لو كان على حدث لم يرتفع مع بقاء سببه.

أخطاء شائعة في الغُسل من الجنابة:

من الأخطاء المنتشرة بين الناس الاعتراض على الوضوء قبل الغُسل، مع أنه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن النبي كان يتوضأ وضوءه للصلاة قبل أن يعم بدنه بالماء.
فعن عائشة قالت: كان رسول الله له إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوؤه للصلاة، ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن رأسه ثلاث حثيات ثم أفاض على
سائر جسده).
ومن الأخطاء كذلك التلفظ بالنية، إذ النية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة لا أصل لها. كما يظن البعض بوجوب إعادة الغُسل عند نزول المني بعده، وهو خطأ، فلا يُعاد الغسل إلا إذا خرج المني بشهوة ودفق، لا بسبب برودة أو مرض وذالك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي (إذا فضحت الماء فاغتسل).

ختاما الغسل هو طهارة واجبة، وهو تعبد لله، وتطهير للنفس والبدن، وهو واجب بإجماع العلماء، وذالك لقول الله تعالى في سورة المائدة{وإن كنتم جنبا فَاطهروا وَإِن كنتم مرضى أو على سفر وجاء أحد منكم الغائط أو  لامستم  النساء فَلَمْ تَجِدُوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل  عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}.

المصادر
____________
1ـ كتاب الفقه الميسر، الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، باب الغسل، ص 49، دار الهداية.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد