أركان الحج بالترتيب
الحج هو الركن الخامس من أركان الاسلام، وفرض فرضه الله على عباده في حالة استطاعتهم، قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا} [ال عمران97].
وفي بيان فرضه ما ورد في حديث النبي عليه السلام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا).
والحج هو مرة واحدة ولا بأس أن يعيده الإنسان، وقد حج الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة مرة واحدة، والحج هو أشهر معلومات، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، لقوله تعالى: { الحج أشهر معلومات}، وسنتعرف في هذا المقال على أركان الحج.
شروط الحج:
يشترط الحج لوجوبه شروط منها: الإسلام أي أن لا يكون الحاج كافرا فلا يصح له، والعقل أن يكون عاقلا وهو من شروط المكلف، ولا يجوز الحج لغير البالغ، فغير البالغ له الأجر ولكن حجة الاسلام يعيدها وذالك في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( أيما صبي حج ثم بلغ، فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى).
ومن شروطه أيضا أن لا يكون الحاج عبدا مملوكا وأن يكون حرا، ويقبل منه فإذا عتق أعاد حجة الإسلام وذالك قول النبي صلى الله عليه وسلم( أيما عبد حج ثم عتق، فعليه حجة أخرى).
ومن شروطه الاستطاعة فالتكليف لمن استطاع.
أركان الحج:
الركن الأول وهو الإحرام وهو نية الحج وقصده، لأن الحج عبادة لا تصح بغير النية بإجماع المسلمين، و الأفضل في الحج النطق بها، ويكون ذالك من الميقات الذي يمر به، وكل انسان يحرم من ميقات بلده الذي حدده النبي في الحديث.
ثانيا الوقوف بعرفة وهو ركن بالإجماع، ودليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)، ووقت الوقوف من بعد الزوال يوم عرفة، إلى طلوع فجر يوم النحر، ومن وقف في الليل كفاه الوقوف بالليل، و إذا وقف بالنهار بعرفة فيلزمه أن يكمل إلى الغروب.
ومن أركانه طواف الإفاضة، ويكون هذا الطواف بعد الإفاضة من عرفة، ويسمى طواف الفرض أو طواف الركن، وهو ركن بالإجماع يبدأ بعد طلوع الشمس يوم العيد عند أهل العلم، وذالك لقوله تعالى: {ثم ليقضوا نفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} [الحج29].
ورابع الأركان السعي بين الصفا والمروة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة.
وكذالك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي)، وهو سعي يبدأ من الصفا ويختم من المروة وهو سبعة أشواط.
واجبات الحج:
وللحج واجبات ومن ترك منها عمدا أو نسيانا جبره بدم وصح حجه، فهي ليست كالأركان، ومن الواجبات بالترتيب:
الإحرام من الميقات المعتبر شرعا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ).
الوقوف بعرفة إلى الليل لمن أتاها نهارا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف إلى الغروب في حجته وقال :(خذوا عني مناسككم ) .
المبيت بمزدلفة ليلة النحر إلى منتصف الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم بات بها وفي الصحيح انه قال : (لتأخذ أمتي نسكها فإني لا أدري لعلي لا ألقاهم بعد عامي هذا).
المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لأنه صلى الله عليه وسلم بات بها.
رمي الجمرات مرتبا جمرة العقبة يوم العيد ، والجمرات الثلاث أيام التشريق، لأن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله).
الحلق أو التقصير لقوله تعالى: (محلقين رؤسكم ومقصرين) ولفعله صلى الله عليه وسلم وأمره بذالك.
ومن الواجبات أيضا طواف الوداع لغير الحائض والنفساء، لما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت )، وقول ابن عباس :أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض .(1)
سنن الحج:
ومن سنن الحج المستحبة، الاغتسال للإحرام والتطيب ولبس ثوبين أبيضين، والمبيت في منى اليوم الثامن، وتقليم الأظافر وأخذ شعر العانة والإبط وقص الشارب، وطواف القدوم، والرمل في الثلاتة أشواط، والاضطباع في طواف القدوم، و التلبية من حين الإحرام إلى رمي جمرة العقبة، وتقبيل الحجر، والجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة تقديما، والوقوف بمزدلفة عند المشعر الحرام من الفجر إلى الشروق إن تيسر، وعلى الحاج أن لا يفرط في السنن اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا لم تكن من شروط الحج.
مواقيت الحج:
وأما الميقات الحج فهي الحدود التي لا يجوز للحاج أن يتجاوزها إلا بإحرام، وقد بينها رسول الله في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون دليل فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة ).
ومن تخطى هذه المواقيت بدون إحرام وجب عليه الرجوع إليها إن استطاع، فإن لم يستطع العودة إليها فعليه فدية، وهي شاة يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء في الحرم.
فضائل الحج:
من فضائل الحج المبرور أن له جزاء وعد الله به تعالى عباده وهو الجنة، لمن أطاع الله ورسوله وحج حجة كاملة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
ومن فضائل الحج أيضا تكفير السيئات وتبييض الصحائف، فالحاج يعود طاهرا كيوم ولدته أمه، وعن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).
وذالك من شروطه أن يشتغل الحاج بذكر الله، فلا يرفث ولا يفسق ولا يجادل في حجته، ويترك الجدل عن المناسك والخصام في حجه حتى يتحلل، وذالك لقول الله عز وجل: { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة197].
في الختام الحج هو الركن الخامس في الاسلام الذي يتقرب به العبد لله عز وجل، ويذكر الله فيه ويلبيه ويكبر، ويتمم به أعماله ويطهر نفسه وروحه، ويعود بعد مناسكه وقد ابيضت صحائفه كيوم ولدته أمه، داعيا بتقبل عمله مخلصا لله عز وجل في ما قدم، وفي الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: “أن رسول الله سئل أي العمل أفضل؟ فقال: (إيمان بالله ورسوله). قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”. قيل: ثم ماذا؟ قال: “حج مبرور”.
المصادر:
ــــــــــــــــ
1ـ الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، الشيخ صالح بن عبد العزيز ال الشيخ، أركان الحج وواجباته، ص 178، دار الهداية.
