فضائل الأيام العشر من ذي الحجة
أيام العشر من ذي الحجة هي أيام عظيمة أقسم الله بها في كتابه، وخصها بالأجر والفضل العظيم، ففيها من نفحات الإيمان ومن الشعائر ما يجعلها العشر الأفضل من السنة، وفيها يستحب الإكثار من العمل الصالح، والإقبال على الله بالتقرب بجميع أنواع الطاعة، وقد قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام فيهن العمل أحب إلى الله عز وجل وأفضل من أيام العشر).
فهي من خير الأيام التي يغتنمها العبد بالعمل الصالح والتقرب إلى الله، وفيها يقوم الحجاج بتأدية مناسكهم وإكمال الركن الخامس من الإسلام، فهي أيام فاضلة للحاج ولغير الحاج، في هذه المقالة من موقع “مدى بلس” سنتحدث بالتفصيل عن فضائل العشر من ذي الحجة .
فضائل العشر من ذي الحجة:
الأيام العشر من ذي الحجة هي أيام فاضلة، بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي من مواسم الطاعة العظيمة التي حث فيها النبي على الاجتهاد، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام فيهن العمل أحب إلى الله عز وجل وأفضل من أيام العشر قيل يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
الأيام العشر من ذي الحجة
هذه أيام يجتهد فيها المسلم بالأعمال الصالحة من الفرائض والنوافل، ويعتني بها ويجتهد فيها، ومن ذالك على وجه الخصوص بالصيام وقراءة القرآن والصدقة وبر الأهل وصلة الرحم، فتلك كلها من أفضل الأعمال، وهي أيضا أيام يلازم فيها المسلم ذكر الله والتكبير والتهليل والحمد.
وفيها صيام يوم عرفة وهو من أفضل الأيام وأفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وهي أيام أقسم الله تعالى بها فقال{ والفجر وليال عشر والشفع والوتر} وهذه الليالي هي ليالي عشر ذي الحجة، وتفضيلها لأنها مرتبطة بالحج وبها أعظم الأيام وهو يوم عرفة.
وعن جابر مرفوعاً (هي ليالي العشر من ذي الحجة)، وقال الضحاك : الشفع عشر ذي الحجة والوتر أيام منى الثلاتة.
وعن جابر أيضا مرفوعا: (أن العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر). (1)
العبادات المشروعة في العشر من ذي الحجة:
من العبادات المستحبة في الأيام العشر الإكثار من ذكر الله، قال تعالى {اذكروا الله في أيام معدودات}.
ويستحب الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد، كما قال النبي : (فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتَّحْمِيدِ).(2)
فهي أيام عظيمة يحمد المؤمن الله على بلوغها، فيشكر الله على نعمه، ويكبر ويهلل فيها، وقد كان الصحابة يكبرون فيقولون: الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر الله أكبر الله لا إله إلا الله .
ومن العبادات المشروعة الصيام، والعشر تدخل في الأشهر الحرم، والصيام فيها من أفضل الأعمال التي تقرب عند الله، وأفضل يوم فيها يوم عرفة لغير الحاج، فالحاج ينشغل بالدعاء ويتقوى بعدم الصيام على وقوف عرفة، ويستحب الصيام لغير الحاج، وهو يوم تعتق فيه الرقاب، ويباهي الله ملائكته بأهل عرفة.
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده).
العشر من ذي الحجة
ومن الأعمال الصالحة الحج والعمرة، والحج هو ركن من اركان الإسلام، ولأجله فضلت العشر، وفيه تطهير للبدن
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
ثم الأضحية وهي سنة مؤكدة، لقوله تعالى{فصل لربك وانحر} [الكوثر 2].فإذا دخلت العشر وأراد أن يضحي المسلم وكانت له الاستطاعة فلا يأخذ من شعره أو أظفاره شيء حتى يضحي، وذالك لحديث أم سلمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دخل العشر، وعنده أضحية يريد أن يضحي، فلا يأخذن شعرا، ولا يقلمن ظفرا). (3)
يوم عرفة والعشر من ذي الحجة:
يوم عرفة هو يوم تكثر فيه الدعوات، ويُعد موسمًا للخير والعبادة، فيه تتنزل الرحمة، ولم تُطلع الشمس على يوم أفضل منه، فيوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع عند المسلمين، ويوم عرفة أعظم أيام السنة وأفضلها على الإطلاق، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وفيه يدنو الله تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف، ويباهي بهم الملائكة فيقول: (ما أراد هؤلاء، أُشهدكم أني قد غفرت لهم ).
وفي ذالك الموقف ساعة استجابة، فيتقرب الخلق لله عز وجل بالتضرع والخشوع وطلب المغفرة والجنة والعفو، وهي من أعظم ما يقف فيه الخلق، محرمين لله ملبين داعين لله.
وفي عرفة نزل قول الله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينَكُمْ وَأَنتَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: 3] قال عمر بن الخطاب: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم جمعة، ونحن واقفون معه بعرفة.
ومن فضائل هذا اليوم أن دعاء يوم عرفة مجاب كله بإذن الله للحاج شرط الدعاء بإخلاص لوجه الله، قال عبد الله بن المبارك: (جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه وعيناه تَهْمُلان فبكيت، فالتفت إليَّ فقال: ما شأنك؟ فقلت: مَنْ أسوأ هذا الجمع حالا؟ فقال سفيان: الذي يظن أنَّ الله عز و جل لا يغفر لهم).
ومن فضائله أنه من أعظم أيام السنة إرغاما للشيطان ،
وعن طلحة بن عبيد الله قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام).
ومن فضل هذا اليوم لغير الحجاج من الصائمين أنه يكفر صيام السنة التي قبله والسنة التي بعده، وهذا لغير الحاج.
ختاما من بلغ العشر من ذي الحجة، فعليه اغتنامها بما يقدر عليه من عمل صالح، وبالتقرب لله عز وجل بأفضل الأعمال، فهي أيام من أدركها ادرك الخير العظيم فربما لا يدركها مرة أخرى، والحاج فيها يتقرب لله بحجه وتأدية مناسكه على الوحه الصحيح وملازمة الدعاء، والذي لم يؤدي شعائر الحج يتقرب لله بالصيام فيها وبزيادة النوافل ويكثر من الطاعات وتلاوة القرآن والصدقة والصيام، ويكبر لله ويحمده ويذكر الله على بلوغها، ويخلص نيته لله عز وجل.
المصادر:
ــــــــــــــــــ
1ـ فتح البيان في مقاصد القرآن، العلامة الملك المؤيد أبي الطيب صديق بن حسن البخاري، ج15،ص216، المكتبة العصرية بيروت.
2ـ الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة، مصطفى بن العدوي أحمد، ث369، دار ابن عفان.
3ـ كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، الشيخ صالح بن عبد العزيز ال الشيخ، ص203، دار الهداية.
