لماذا فضل الله شهر رمضان على باقي الشهور

لماذا فضل الله رمضان على باقي الشهور

رمضان شهر مبارك، فضله الله على اثني عشر شهراً من السنة، من بينها الأشهر الأربعة الحرم والأشهر العادية. فجعل فيه خصائص ليست موجودة في غيره من الشهور، وعدته ثلاثين يوماً يصومها المسلمون برؤية الهلال احتساباً وطلباً للأجر، وفي العشر الأواخر منه أعظم الليالي، وهي ليلة القدر، ثم ينتهي الشهر بعيد الفطر، وهو عيد المسلمين.
وقد وعد الله الصائمين بالعفو والمغفرة والعتق من النار، وفضل الله هذا الشهر على باقي الشهور بفضائل كثيرة. ففيه تفتح أبواب الجنة وتوصد أبواب النار وتصفد  الشياطين، وتكثر الطاعات والعبادات، ويستجاب الدعاء وتتحقق الأماني وتكثر فيه البركة، وفي هذا الشهر نزل القرآن إلى السماء الدنيا، وفيه أمر المسلمين بالصيام. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}.

أسباب تفضيل شهر رمضان:

لرمضان فضائل لا تعد ولا تحصى، وهو شهر يبتهج بوصوله المسلمون لما فيه من مميزات، ومما فضل الله به هذا الشهر هو نزول القرآن الكريم فيه على النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} [البقرة:185]، نزل القرآن في رمضان ليهدي المسلمين ويعيدهم لطريق الحق بعد جاهلية طويلة، وفي لياليه الكريمة كان جبريل ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم فيتدارس معه القرآن.
ومن أسباب تفضيله أيضاً ليلة القدر، فهي ليلة عظيمة. فعن أنس بن مالك قال: “دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم)”، فهي ليلة تستجاب فيها الأدعية وتنزل فيها الملائكة، وفي سورة القدر يقول ربنا تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر}.
ومن فضائله أن الذنوب والسيئات تكفر فيه وتعتق الرقاب، وتفتح أبواب الجنة فتجد النفوس قد هيئت لرمضان والأرواح اطمأنت بحضوره، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة”.
ومن فضائله أيضاً أن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة، ويهذب النفس ويرقى بها في الحياة الدنيا.

نزول القرآن في رمضان:

نزل القرآن في رمضان إلى السماء الدنيا واختلف العلماء في نزوله، ولكن الأصل أنه نزل في رمضان، فنزل مفرّقاً على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ونزل في ليلة القدر في بيت العزة في السماء الدنيا  وهو بيت تتعبد فيه الملائكة لله، وكان أول ما نزل في ليلة القدر سورة إقرأ، قال الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان:13]. وليلة القدر هي الليلة المباركة، ثم بدأ نزوله بعد ذلك، قال ابن عباس رضي الله عنه: “نزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض”.
ليلة القدر في رمضان:
ليلة القدر من أعظم فضائل رمضان، وهي من الليالي التي تكون في نهاية رمضان وهي ليلة السابع والعشرين، لها قدر ومنزلة عند الله، وقد أكرم بها عباده، وفضل بها رمضان على باقي الشهور. فهي ليلة تتحقق فيها الأماني وترفع فيها الدعوات ويضاعف فيها أجر العمل الصالح، وتتغير وتتبدل أقدار المسلمين. ويتحراها المسلم في العشر الأواخر من الشهر كله، فوقتها غير معلوم، يقول الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر}، وما أدراك بقصد أن لها شأن عظيم وفضل كبير لا يدركه إلا من قام فيها أجراً واحتساباً. وهي خير من ألف شهر، وفيها تتنزل الملائكة وتتنزل الرحمة، ووصفها الله في كتابه بالليلة المباركة.

عمرة رمضان:

من العبادات التي يضاعف أجرها في رمضان، لمكانته وخصوصيته، هو الاعتمار في بيت الله الحرام. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عمرة في رمضان تعدل حجة، وفي حديث آخر: حجة معي”. فهذا يدل على فضلها، وأنها في رمضان لها مكانة خاصة ولها تشريف كالحج مع النبي. وهي من الأشياء التي لو استطاع المسلم إليها سبيلاً يستعد لها في رمضان فيؤديها. فهي تزيد الصائم المتعبد أجراً، ويغفر الله له ذنوبه ويكفر سيئاته. وفي الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد”.

أعمال مستحبة في شهر رمضان:

من أكثر الأعمال المستحبة في رمضان هي تلاوة القرآن، وذلك يكون بالتدبر فيه والتأمل، واستشعار قول الله عز وجل، وتكرار الآيات حتى يشعر المرء بحلاوة القرآن تتنزل على قلبه، والسكينة تحف روحه، ويجب تخصيص وقت له من يومه ومن ليله، ويصاحبه ويلازمه فيكون رفيقه في رمضان، ويعود لتفسير القرآن ، فيفقه قول ربه حقيقة، وأن لا ينشغل المسلم بالملهيات فهو شهر كان السلف يتحسرون على رحيله، ومن ضيع على نفسه فيه لذة التقرب من  الله فقد ضاع منه الكثير وهو غافل.

الحرص على أداء الفرائض في المسجد، خصوصًا صلاة الفجر، مع الابتهال بالدعاء وطلب الآخرة التي هي الباقية، والعفو والمغفرة من الله، كما يجب لزوم صلاة التراويح في الجماعة.
ومن الأعمال المستحبة أيضا صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب، فصلة الرحم تطيل العمر، والصلة أن تكون حتى لمن قطعك، وبها تبتغي الأجر والثواب من الله.

إفطار الصائم والإكثار من الصدقة، حيث يكون إفطار الصائم بمثابة أجر مضاعف، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)، والقيام بالأعمال التطوعية التي يقصد فيها المؤمن الثواب من الله سبحانه وتعالى.
الاعتكاف في المساجد لمن استطاع، فقد كان ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر للعبادة، ولزوم المسجد تعبّدًا لله، اقتداء بالنبي وأصحابه.

في الختام شهر رمضان هو شهر يكرم الله فيه عباده، ويرفع فيه درجاتهم ويطهر نفوسهم وقلوبهم، وعلى المسلم فيه أن يتقي الله ويبتعد عن المعاصي في شهر عظيم مثل رمضان، بل ويزيد الطاعات، ويكثر من العبادات، ويلتزم بأمر الله، فهو شهر فضل عند الله،  وأساسه وركيزته الأولى العبادة.
ففيه يكثر الصائم من عبادات الخفاء، وتلاوة القرآن والوقوف بين يدي الله عز وجل والقيام لصلاة الليل، ولا يبخس فيه أقل الأعمال الصالحة، كل على قدر استطاعته، وينظم وقته ليستطيع أن يتعبد بهمة لله عزو وجل، ويربي نفسه على الأخلاق الحسنة وعلى الصفات الطيبة، ويعدل من أخلاقه، فهذا أساس تطهير النفس والترفع بها عن السوء، ويستعين بالله ويجدد نيته في التوبة والإنابة والرجوع إلى الله، ليدخل رمضان بقلب سليم ويخرجه بنفس مطمئنة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد