مفهوم العلمانية

مفهوم العلمانية

العلمانية هي حركة اجتماعية تعبر عن اتجاه في الحياة يعتمد على مبدأ فصل الدين عن الدولة، حيث تسعى إلى استبعاد التأثير الديني في السياسة، معتبرةً أن السياسة يجب أن تكون غير دينية.

تقوم العلمانية على تنمية النزعة الإنسانية والتركيز على الإنجازات الثقافية والبشرية، هي نظام اجتماعي يرتكز على فكرة أن القيم السلوكية والأخلاقية يجب أن تكون مؤسّسة على الحياة المعاصرة والتضامن الاجتماعي، دون التأثر بالتوجهات الدينية.

متى نشأة العلمانية

ظهرت العلمانية خلال عصر التنوير والنهضة الأوروبية في مواجهة هيمنة الكنيسة على المجتمع ومؤسساته. كانت العلمانية رد فعل ضد السلطة الدينية التي كانت تتحكم في تنظيم المجتمع على أساس الانتماءات الدينية والطائفية، كانت فكرة العلمانية أن وظيفة الدين تقتصر على تنظيم علاقة الفرد مع خالقه، بينما يجب أن تقوم الدولة على أسس إنسانية بحتة بعيدًا عن تأثير الدين.

انتشار العلمانية

انتشرت العلمانية بسرعة بعد نشوئها في الغرب، خاصة في أمريكا وفرنسا بعد الثورات الكبرى، تعتبر هاتان الدولتان من أولى الدول التي تأسست وفقًا لأسُس علمانية صريحة، تعززت جاذبية العلمانية عالميًا باعتبارها وسيلة لمنع الحكومات من التمييز ضد أي دين، مما ساعد على انتشارها في مجتمعات متنوعة دينيًا وثقافيًا.

أنواع العلمانية

تتنوع فروع العلمانية بحسب المجالات التي تغطيها من أبرز هذه الأنواع:

1. العلمانية السياسية: تهدف إلى إبقاء الدولة بعيدة عن الشؤون الدينية للأفراد، مما يضمن عدم تفضيل دين معين على آخر في السياسة.

2. العلمانية الفلسفية: تركز على نقد الأديان ومواجهة السلطات الدينية، مع احترام حرية التعبير.

3. العلمانية الاجتماعية الثقافية: تهدف إلى تقليل تأثير الدين في حياة الأفراد اليومية، وعدم اعتباره جزءًا أساسيًا من هويتهم الثقافية.

مراحل العلمانية

مرّت العلمانية بعدة مراحل رئيسية:

•  العلمانية السطحية: التي انطلقت من العقلانية القديمة التي كانت تدعو إلى سيادة العقل البشري بناءً على التجريب والقياس. واعتُبرت هذه المرحلة مرحلة انتقالية نحو العصر التكنولوجي والاستهلاكي.

•  العلمانية الجديدة: التي جاءت بعد فشل العلمانية السطحية، حيث تبين أنه من الضروري أن يكون هناك تقارب بين المؤسسات الدينية والدولة من أجل التوصل إلى صيغة جديدة تسمح بوجود روحانية جديدة في المجتمع.

مبادئ العلمانية

تعتمد العلمانية على عدة مبادئ أساسية، مثل:

استخدام المنهج المادي في تفسير العالم وحياة البشر بناءً على العلوم التجريبية.

رفض الاعتقاد بالغيبيات والميتافيزيقا.

فصل الدين عن الدولة، مما يعني أن المعاملات الاجتماعية والسياسية يجب أن تكون بعيدًا عن الدين، بينما تقتصر العلاقات الدينية على الإنسان وربه.

أهداف العلمانية

تسعى العلمانية إلى تحقيق أهداف رئيسية، منها:

تحسين الحياة البشرية في الدنيا باستخدام العلم والوسائل العملية.

تبني العلم كوسيلة لتحسين حياة الإنسان.

تعزيز العمل من أجل الخير في الدنيا دون انتظار مكافأة دينية.

مستويات العلمانية

تتجلى العلمانية في ثلاثة مستويات رئيسية:

1. العلمنة المجتمعية: وهي ناتجة عن عمليات الحداثة، حيث تسعى الأحزاب السياسية إلى ترويج العلمانية كجزء من برامجها.

2. العلمنة الفردية: حيث يتراجع الالتزام الديني للأفراد، ويقومون بتغيير معتقداتهم وممارساتهم بعيدًا عن الدين.

3. العلمنة التنظيمية: وهي تكيّف الهيئات الدينية مع المجتمع العلماني، بما يضمن احترام المؤسسات الدينية للدولة العلمانية.

علاقة العلمانية بالديمقراطية

تتبنى العلمانية مفاهيم الديمقراطية والمساواة، حيث تعتبر جميع المواطنين متساوون أمام القانون بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية تدعم العلمانية حقوق الإنسان وتضمن حماية الأقليات من التمييز الديني، مع التأكيد على أن جميع الأفراد، سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات.

أمثلة على دول علمانية

تبنت العديد من الدول العلمانية كنظام حوكمة، ومن أبرز هذه الدول:

آسيا: أذربيجان، الصين، الهند، اليابان، كوريا الجنوبية.

أوروبا: فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا.

أفريقيا: بنين، الكاميرون، تشاد.

أمريكا: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، المكسيك.

العلمانية من منظر إسلامي:

خلاصة ما تحدثنا عنه نشأت العلمانية نتيجة لتأثيرات قهر السلطة الدينية في أوروبا، وظهرت كفكرة تدعو إلى فصل الدين عن الدولة، وجاءت لتضع أسسًا جديدة لتنظيم المجتمع بعيدًا عن التأثيرات الدينية. مرّت العلمانية بعدة مراحل، وتنوعت بين العلمانية السطحية والعلمانية المنفتحة التي تسعى إلى تقارب بين الدين والدولة. وقد تبنت العديد من الدول العلمانية باعتبارها أساسًا لحوكمة الدولة، مما جعلها تنتشر على مستوى العالم.