فضل الأشهر الحرم 

فضل الأشهر الحرم 

تعريف الأشهر الحرم
الأشهر الحرم هي الأشهر التي حرم الله فيها ظلم المسلم لنفسه، وضاعف فيها الحسنات تعظيما لمكانتها في الإسلام وزاد فيها الأجر، وقضى بمضاعفة السيئات لمن انتهك حرمتها.

ما هي الأشهر الحرم؟

الأشهر الحُرم هي ذو القعدة وذو الحجة الذي يحج فيه الناس وتقام فيه شعائر الحج في البلد الحرام، ومحرم ورجب، وقد حرم فيها الق/تل، وعظمها الله وفضلها على باقي أشهر السنة، فكان السلف يصومون في هذه الأشهر، ويكثرون من العبادات فيها، ويجتنبون المعاصي والآثام، وقد حرمت هذه الشهور في الكتب السماوية الأخرى وليس في الإسلام فقط، ثم نزلت سورة التوبة ليخبر الله تعالى عباده بحرمة هذه الشهور ويقضي بتعظيمها وينهى عن ظلم النفس فيها.

سبب تسميتها بالأشهر الحرم:

سميت الأشهر الحرم الأربعة ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب بالحرم لأن الله حرم فيها أن يظلم المسلم نفسه، وأجمع علماء السنة أن الله يضاعف فيها أجر العبادات وظلم النفس هو مضاعف أيضا في الأشهر الحرم، قال تعالى: “وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ” [1]
فمن المستحسن أن يتقرب الإنسان بالطاعات ويضاعفها، ويحرص فيها على اجتناب النواهي واتباع السنة، والإكثار من تلاوة القرآن والصيام، وقيام الليل وأن لا يظلم المسلم نفسه ولا المسلمين ولا يؤذيهم بقوله وفعله، قال الله تعالى عن بيان تعظيم هذه الأشهر :
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَ\اتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَ\اتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [2]
ومعنى منها {أربعة حرم} أي محترمة
وفي  صحيح البخاري من حديث أبي بكرة : (ان الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان).
وهذا يعني أنها عادت إلى ما كانت عليه من الحل والحرمة من وقت الجاهلية، ففي الجاهلية كانت العرب تحرم فيهم الق/تال، وقد جاء ذالك وراثة من دين إبراهيم وإسماعيل، ويقول صاحب فتح البيان في مقاصد القرآن في تفسيره: “والمعنى رجعت الأشهر الحرم إلى ما كانت عليه من الحل والحرمة وعاد الحج الى ذي الحجة بعد ما كانوا أزالوه عن محله بالنسىء الذي أحدثوه في الجاهلية، وقد وافقت حجة الوداع ذا الحجة، وكانت حجة أبي بكر قبلها في ذي القعدة”.(3)
وقد كان العرب في الجاهلية يعظمونها حتى ان أحدهم لو لقي ق/اتل أبيه أو ابنه أو أخيه في هذه الأربعة الأشهر لم يأخذ بثأره وكان العرب لا شيأ يردهم عن الثأر، ولما جاء الاسلام زادها إجلالا وتعظيما، وضاعف فيها الأجر والثواب .

الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم:

على المسلم أن يغتنم هذه الأوقات والأيام في الأشهر الحرم لزيادة التقرب من الله، والإكثار من العمل الصالح، ومن الأعمال المستحبة فيها:
– الإكثار من العمل الصالح والابتعاد عن ظلم النفس بفعل المعاصي والكبائر.
– أن يُكثر الإنسان من التوبة ويجتهد ويتقرب إلى الله بالنوافل ويزيد فيها العبادات فيغير في هذه الأشهر ما لم يغيره طوال السنة، ويجاهد أن يغير من نفسه للخير.
– أن يكثر من الصيام فيها والصائم فيها يضاعف أجر صيامه، ويكثر من الدعاء لله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)، وهذا في فضل الصيام  في رجب.
– أن يخرج الصدقات لمستحقيها، فالصدقة تزكي النفس وتسمو بها، والمتصدق في هذه الأشهر إنما ينفع بها نفسه لأن أجر ذالك مضاعف في ميزانه عند الله.
– استحباب العمرة في رجب اقتداء ببعض السلف، وقد كان عمر وعائشة وعثمان وعلي يعتمرون في رجب.

ما حرم في الأشهر الحرم:

في هذه الأيام تعظيم للذنب وزيادة في الأجر ولكن وردت آيات وأحاديث كثيرة تبين لنا ما حرم في هذه الأشهر ومنها:
حرم فيها ظلم النفس، وذالك لحث النفس على ترك الظلم وتربيتها حتى في سائر الشهور {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}.
ومما حرم أيضا في هذه الأشهر سفك دم/اء المشركين والتعرض لهم، والق/تال وجاء التقييد في الحرم وفي حرمة الق/تال فيه قال تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [4]
ووقع الخلاف بين أهل العلم في ذالك، فقالوا بجواز الق/تال حال إعتداء المشركين على المسلمين، فجاز الق/تال دفاعا.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام } [5].

أهمية الأشهر الحرم للمسلم:

يميز هذه الأشهر الحرم بأهميتها عن المسلم تقديرا لأن فيها مضاعفة الجزاء والحسنات، وهو ما يحفز المسلم  أن يكونوا أكثر حرصاً على تجنب الذنوب والإكثار من الأعمال الصالحة، فالذنوب في هذه الأشهر الأربعة يعظم إثمها كما أن  التوبة الصادقة فيها تُرجى أن تكون أكثر قبولا  لأن الله يُعظم حرمة هذه الأوقات، ففيها يستجاب للمؤمن.
والتوبة في الأشهر الحرم لها وقع خاص ففيهم يزيد المؤمن إيمانا، ويتوب العاصي ويعود ويرجع إلى ربه، و ينبغي أن يكثر المسلم من الاستغفار، وأن يعيد المظالم إلى أهلها، ويجتهد في الطاعات، ويستغل أيام الأشهر الحرم المباركة وينتهزها كفرصة عظيمة ويصحح طريقه و مسار حياته، ويتقرب إلى الله، ويصلح من نفسه ويجدد نيته في التوبة، فالأشهر الحرم ليست أشهرا عادية، ولكن على المؤمن المسلم أن يدرك قيمتها، فيستعد أن يغير من نفسه ويتأمل طريقه، ويضاعف جهده بالعمل، ويتقرب من خالقه بالأعمال الصالحة، ويقدم على فعل الخير ويشارك في الأعمال التطوعية،خصوصا في مواسم الحج مثلا، ويعمل بفائدة تفيد المجتمع ويستفيد من أجرها، فالعمل مضاعف ليس في الصيام فقط، وإنما في كل الطاعات، والإنسان يجزى على الإحسان، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، ليختم عامه وقد غير وتغير.

المراجع:
ــــــــــــــــ

1 سورة الحج

2 سورة التوبة: 36
3 فتح البيان في مقاصد القرآن،أبي الطيب صديق بن حسن بن علي الحسين القنوجي النجاري،ص297،المكتبة العصيرية، بيروت.

4 سورة التوبة: 5

5 المائدة: 2

 

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد